Ads 468x60px

أقسام المدونة

الاثنين، 27 أغسطس 2012

شاهد من الشعب: في سنة 1978 *أول قرار بتطبيق الشريعة الإسلامية وأول انقلاب عسكري*

( الحلقة الثامنة)
شهدت سنة 1978 عدة أحداث بارزة على المستوى الوطني من أهمها: إعلان تطبيق الشريعة الإسلامية وحدوث أول انقلاب عسكري في البلاد ؛ ففي ال16 يونيو 1978 أعلن المكتب السياسي لحزب الشعب الموريتاني مبدأ تطبيق الشريعة الإسلامية في كل الميادين مركزا على توحيد القضاء الموريتاني، وفي ال10 يوليو 1978 استولت القوات المسلحة الوطنية على السلطة في انقلاب ابيض على الرئيس الأسبق المختار ولد داداه وأوقفت بذلك حرب الصحراء التي استمرت حوالي ثلاث سنوات.
ولكن كيف عشت أحداث 1978 من خلال جريدة "الشعب " وكيف كانت مساهمتي في هذا المجهود الصحفي؟



* إنشاء هيئة للمغتربين*
بعد عودتي من رحلة الحج المباركة نشرت لي "الشعب" في يناير 1978 عدة حلقات من ركن (مذكرات مسافر) وهو ركن استحدثته الجريدة  لنشر خواطر الصحفيين وذكرياتهم خلال أسفارهم خارج البلاد تناولت في هذه الحلقات زيارتي لبدر التي شهدت أول انتصار عسكري للمسلمين،وتناولت كذلك وضع جاليتنا في الحجاز من خلال لقاءات مع طلبتنا في المدينة المنورة وبعض شخصيات جاليتنا ومن ابرز من التقيت بهم يومئذ من الجالية السيد المحترم احمد بن عبد العزيز الذي أقام بعد ذلك بسنوات مكتبة العرفان الوقفية  بنواكشوط وهي المكتبة التي ساهمت في إشاعة نور العلم بالبلاد من خلال ثروتها الغنية من الكتب، ومن المؤسف أنها مهددة اليوم بالاختفاء بسبب المياه التي غمرت مقرها حسب ما قرأته في أحد التقارير الصحفية.
من الاقتراحات المهمة التي نقلتها حينها عن السيد/ احمد ولد عبد العزيز ضرورة إنشاء هيئة للعناية بالمغتربين، واعتقد أن هذا الاقتراح لازال ورادا بعد أن اختفت المفوضية المكلفة بالموريتانيين في الخارج.
* نقاش حول المولد النبوي الشريف *
في نهاية شهر ربيع الأول 1398 (الـ 9 مارس 1978) نشرت عبر جريدة (الشعب) مقالا يثير نقاشا حول الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، عنوان المقال: "موعد مع الذكرى 1450" ويورد بعض الأدلة لاتخاذ المولد النبوي عيدا، وكان الشعار الذي اخترناه  لهذه المقالات هو "من المناقشة الجادة ينبثق النور غالبا"..
 وبعد أسبوع نشر الزميل المرحوم احمد السباعي، الذي يحمل وجهة نظر مغايرة، ردا على هذا المقال تحت عنوان " حتى تكون الذكرى 1450 موعد الانتصار على البدعة"...
أثار هذا المقال ردود ا كثيرة نشرت منها (الشعب) مقالا للأستاذ عبد الله ولد السيد وآخر للمرحوم عبد الله بب ولد محمد عبد الرحمن.. وقد كنا في ذلك الوقت حريصين على استمرار هذا النقاش على صفحات (الشعب)، لكن حدث ما لم نكن نتوقعه ، فقد تدخل القضاء حيث استدعى المدعي العام زميلنا احمد السباعي لاستجوابه بشأن المقال واتهمه بالمساس بالقيم الدينية وإثارة السكينة في المجتمع .. وهدده بالعقوبة إن هو عاد إلى نشر موضوع مماثل..  المدعي العام للجمهورية يومها هو المرحوم محمد بن عبد الله بن البشير.
وقد أوقفت (الشعب) هذا النقاش لما سبب لها من إحراج ولازلت احتفظ في أرشيفي الخاص ببعض الردود التي لم تنشر.
وزميلي احمد السباعي الذي توفي سنة 2001 عرف بيننا بذكائه وسعة اطلاعه وثقافته الدينية وحسن خطه وجودة ترجمته وقوة حجته في الدفاع عن قناعته .. وقد شهدت منه نماذج من الورع نادرة في هذا الزمان خاصة في السنوات الأخيرة من حياته، حيث كان يرفض استلام راتبه الشهري حينما يقعده المرض جل الشهر .. وكنت دائما أحاول إقناعه بأن المريض لا حرج عليه وأن مقالاته التي يرسلها إلينا بين الفينة والأخرى تضاعف قيمتها راتبه. وقد جمعت مقالاته الدينية بين صدق العاطفة وقوة الأدلة ، ولا انسي في إحدى الأيام حينما كنت عاكفا على مراجعة احد مقالاته ، إن لم تكن آخرما كتب في حياته ، فإذا بدموعي تنهمر  وبادرت إلى إغلاق الباب علي لأبكى وحيدا مع هذا المقال الذي يتناول كيفية وفاة نبينا محمد عليه أفضل صلاة وازكي تسليم.
* صفحة مشاكل وآراء*
في مارس كذلك من سنة 1978، استحدثت (الشعب) صفحة أسبوعية تحت عنوان "مشاكل وآراء " تنشر فيها شكاوي وهموم المواطنين، توليت إعدادها بالاشتراك مع زميلي محمدن ولد شماد  الذي اختار مهنة القضاء فيما بعد.
استمرت هذه الصفحة، التي كانت متنفسا للكثير من أصحاب القضايا، إلى يوليو حيث أبدلت بعد الانقلاب بركن (تحت الضوء).. وللأمانة لا أتذكر أن السلطات المعنية قد تجاوبت مع هذه الصفحة، على الرغم مما طرحت من قضايا النزاعات الجماعية والفردية وهموم المواطنين عموما.
* قرار تطبيق الشريعة الإسلامية*
وفي النصف الأول من سنة 1978 كانت أجواء حرب الصحراء حاضرة بكثافة في جريدة (الشعب) من خلال التعليقات والافتتاحيات المستمرة.. وأصدرت (الشعب) ملحقا خاصا يوم 25 فبراير حول الذكرى الثانية لإعادة التوحيد الوطني .
لكن الحدث الذي استحوذ على اهتمام كبير في (الشعب) كان قرار تطبيق  الشريعة الإسلامية فقد اجتمع المكتب السياسي لحزب الشعب الموريتاني الذي هو أعلى  هيئة سياسية في البلاد يومي 12 و13 يونيو1978، وأصدر في ال 16 يونيو تقريرا تناول العديد من الأمور لكن أهم ما حوي هو اتخاذه لقرار بتطبيق الشريعة الإسلامية بناء على تقرير من وزير الشؤون الإسلامية والعدل .. ويدافع المكتب السياسي عن قراره بأمور منها:
- أن جوهر الشريعة الإسلامية لم يكن في أي يوم من الأيام عائقا أمام التقدم أو حاجزا دون الانفتاح.
- أن القرار بعيد عن النظرة الضيقة والتفسيرات الزمنية الخاصة وتكريس التقاليد التي ليست من الدين في شيء.
- انه تتويج لتطورمسيرة الجمهورية الإسلامية الموريتانية
- انه يندرج في نطاق  البحث عن انعتاق  حقيقى لكافة فئات الشعب.
وقد شكل المكتب السياسي لجنة من بين أعضائه لتجسيد القرار (انظرالمرفق) .
اتخذ هذا القرار وأنا في العراق، حيث كنت مع الأديب الكبير الأستاذ احمدو ولد عبد القادر في زيارة لهذا البلد الشقيق ضمن برنامج وضعته وزارة الثقافة والإعلام العراقية بدعوة بعثات من موريتانيا تضم كل واحدة منها أديبا وصحفيا .. ولقد توالت هذه الزيارات بعد ذلك.
كتبت "مذكرات مسافر " عن هذه الزيارة لكنها لم تر النور إلا في العدد الثاني بعد الانقلاب العسكري فكيف عشنا هذا الانقلاب الأول من نوعه في موريتانيا وهل تغير خط جريدة (الشعب) من بعده؟ ذلك ما سنتا وله في حلقة قادمة بإذن الله ..



ملحق:


*لجنة  لتطبيق الشريعة الإسلامية*
قرر المكتب السياسي لحزب الشعب الموريتاني في دورته المنعقدة يومي 12 و13 يونيو 1978 تطبيق الشريعة الإسلامية في البلاد وورد في نص البيان بهذا الخصوص:
"وقدم وزير الشؤون الإسلامية والعدل بيانا عن تطبيق الشريعة الإسلامية وتوحيد القضاء الموريتاني على أساسها طبقا لتوصيات المؤتمرات المختلفة للحزب، وقد صادق المكتب السياسية الوطني على تأكيد مبدإ تطبيق الشريعة الإسلامية في كل الميادين على أن جوهر الشريعة الإسلامية لم يكن في أي وقت من الأوقات عائقا  للتقدم أو حاجزا دون التفتح.
وإذا كان قرار تطبيق الشريعة الإسلامية الذي يعني تحكيم كتاب الله وسنة نبيه صلي الله عليه وسلم بعيدا عن النظرة الضيقة والتفسيرات الزمنية الخاصة وتكريس التقاليد التي ليست من الدين في شيء، يعتبر تتويجا لتطور وصيرورة متوقعة للجمهورية الإسلامية الموريتانية التي تسعى دائما لاسترجاع أصالتها وذاتيتها العميقة ، فإنه يجب أن ينظر إليه من ناحية أخرى كقرار يندرج في البحث عن انعتاق حقيقي لكافة فئات الشعب ، وانطلاقا من فهم صحيح لروح التقاليد الإسلامية التي هي دعوة إلى حرية شاملة لا تحرر المجتمع فقط ولكنها تحرر النفس الإنسانية من أغلال العبودية لغير الله ،ودعوة إلى العلم وإلى التعاون بين أبناء البشر وإلى الاحترام المتبادل وإلى العمل الجاد والمثمر إلى الإنتاج وإلى التوزيع العادل..
شكل المكتب من بين أعضائه لجنة لهذا الغرض تضم السادة:
- عبد الله بن بيه رئيسا
- محمد سالم بن عدود نائبا للرئيس
- المجتبى بن محمد فال عضوا
- ساغو ممدو عضوا
- سيدى بن الشيخ عبد الله عضوا
- السيدة عائشة كان عضوا
- الشيخ ماء العينين روبير عضوا
- التجان ولد كريم عضوا
- شيخنا ولد محمد لغظف عضوا
- عبد العزيز با عضوا
(مقتطف من البيان الصادر بجريدة "الشعب" عدد يوم 16 يونيو 1978)

0 التعليقات:

إرسال تعليق