Ads 468x60px

أقسام المدونة

الأربعاء، 5 سبتمبر 2012

رحلة الحج المباركة (1)


 رحلة الحج المباركة(1)
­*تحسن ملحوظ في المنشآت وخطط محكمة للتنظيم
*مشاعر الهيبة والجلال في أعظم بقاع الأرض

حمدت الهي المتفضل الكريم على ما من به على هذا العام من زيارة للحبيب المصطفى عليه ا فضل الصلاة والسلام بالمدينة المنورة دار الهجرة ومنبع العلوم والمعارف والدين والصلاح.. وحمدت الله العزيز الوهاب كذلك على ما اولانى  من نعم هذا العام بأدائي لمناسك الحج والعمرة في المشاعر المقدسة بمكة المكرمة حيث توجد قبلتنا التي نتوجه إليها في صلاتنا (قد نري تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره)
وهو أول بيت وضع للناس (إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين فيه ءايات بينات مقام إبراهيم  ومن دخله كان ءا منا  ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا )
إنها نعمة عظمي احمد الله عليها كثيرا وأرجو من الله أن يمن علينا بالمزيد من نعمه ويوفقنا لدوام شكرها.
*مواقع مقدسة ورموز مباركة
هناك دواعي كثيرة للكتابة عن هذه الرحلة المباركة ومنها محاولة التعبير عما يختلج في النفس من مشاعر الغبطة والسرور والهيبة والجلال والخشوع والانكسار والشوق والوصال.. وان اصدق تعبير عن هذه المشاعر هو الإقرار بالعجز والقصور عن التعبير عنها؛ ففي هذه الديار المقدسة مواقع للعبادة والتقرب إلى الله ورموز لهذا الدين الحنيف وآثار شاهدة على عظمته ومواقف جليلة؛ فالمدينة المنورة هي يثرب التي هاجر إليها المصطفي عليه الصلاة والسلام وأسس فيها دولة الإسلام ، و بها المسجد النبوي الذي يوجد به قبره الشريف صلى الله عليه وسلم ، والبقعة التي تحوي جسده الطاهر هي أفضل بقاع الأرض. وحولها الروضة الشريفة التي ورد فيها ( مابين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة) وهذه البقعة التي توجد عند رأسه الشريف عليه الصلاة والسلام من دخلها يشعر وكأنه في الجنة لما يجد بها من صفاء وطمأنينة لذلك يزدحم عليها محبو رسول الله صلى الله عليه وسلم ازدحاما شديدا ، وطوبى لمن دخلها وطوبى لمن زار الحبيب المصطفي صلى الله عليه الصلاة والسلام ، وزيارته وسيلة للرحمة والغفران ولقضاء كل الحوائج وتحقيق كل الأماني.. وهي وسيلة لكل ما يتمنى المسلم ولكنها غاية في ذاتها ..قال تعالي: ( ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما ) .
وتتم الزيارة في المواجهة بالسلام على الرسول صلى الله عليه وسلم والدعاء ثم السلام على صاحبيه: أبوبكر وعمر رضي الله عنهما ..
وهذا المسجد الصلاة فيه أفضل من  ألف صلاة فيما سواه لحديثه صلى الله عليه وسلم : ( صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام ) ،  وتشد إليه الرحال لفضله وعظمته، وبجانبه البقيع (ديار قوم  مؤمنين )  حيث دفن أجلاء الصحابة وأل البيت ؛ ففيه سيدنا عثمان بن عفان ثالث الخلفاء الراشدين، وفيه سيدتنا فاطمة الزهراء بضعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكذلك الحسن بن على ، وأبى سعيد الخدري، وفاطمة بنت أسد ،وحليمة السعدية ، وإبراهيم  بن النبي صلى الله عليه وسلم ، والإمام مالك ابن انس ونافع شيخه وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم التسع : عائشة وصواحباتها ،وبناته عليه الصلاة والسلام: رقية وزينب وأم كلثوم، وعمه العباس وعماته صلى الله عليه وسلم وغيرهم من الشهداء والصحابة و صلحا ء  هذه الأمة .
ومن مزارات المدينة المنورة مسجد قباء ومسجد القبلتين، ومساجد الخندق ،وكذلك جبل احد حيث وقعت معركة احد التي استشهد فيها سيدنا حمزة بن عبد المطلب.. وغير ذلك من المزارات المهمة..
وفي مكة المكرمة يوجد المسجد الحرام الذي يحيط بالكعبة المشرفة أول بيت وضع للناس الذي يطوف به الحجاج والمعتمرون ويقبلون الحجر الأسود المثبت في ركن البيت الذي يلي الركن اليماني.. ويصلون خلف مقام إبراهيم  عليه السلام ويتجهون إلى الصفا والمروة للسعي بينهما ، وهما من شعائر الله ,, والصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
أما منطقة المشاعر الواقعة خارج مكة والتي يؤدي فيها الحجاج مناسكهم فتحوي: منى حيث الجمرات الثلاث الصغرى والوسطى والكبرى ويتم رميها من طرف الحجاج في أيام التشريق الثلاثة وفي يوم العيد يتم رمي جمرة العقبة (الكبرى ) وحدها وبمني كذلك مسجد الخيف.
أما جبل الرحمة(عرفه) فقد وقف عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم التاسع من ذي الحجة وصلى به الظهر والعصر جمعا وقصرا، والوقوف به ركن من أركان الحج (الحج عرفة ) .
والمزدلفة التي يبيت بها الحجاج ليلة العيد واقعة بين منى وعرفة و بها المشعر الحرام ..
وفي حدود مكة يوجد مسجد عائشة بالتنعيم الذي يخرج إليه المعتمر من مكة ليحرم منه..
وبمكة المكرمة مزارات كثيرة لكن الحاج ينشغل عنها بأداء المناسك ..
هذه المواقع التي ذكرنا هي التي يتوجه إليها الحجاج والزوار والمعتمرون تقربا إلى الله في تلك الديار المقدسة حيث أفضل بقاع الأرض..

*كيف وجدت هذه البقاع بعد ثلاثة عقود
لقد زرت هذه البقاع الطاهرة الأول مرة في نوفمبر سنة 1977 وزرتها 2011 (أكتوبرـ نوفمبر 2011 ) وحاولت ان أقارن بين ما كان عليه حال هذه البقاع قبل(34) سنة وحالها فى هذه الفترة، ووجدت أنها شهدت تحسنا كبيرا من حيث المنشآت والمرافق.
فالمسجد النبوي ازداد بضعفين أو أكثر من الجهة الغربية والمظلات القصيرة التي كانت موجودة أزيحت ليتم ابدالها بمظلات كبيرة وحديثة وتوسعت ساحة الحرم بشكل كبير وانتشرت فيها دورات للمياه واقعة تحت الأرض مثلها في ذلك مثل مواقف للسيارات، وازدانت الساحة بالمصابيح التي ثبتت في أعمدة علي شكل منارات، وكسيت الساحة كلها بالرخام الجيد،ولم تعد السيارات تقترب من الحرم كما كان عليه الحال سابقا وأحيط الحرم بعمارات حديثة من عشرات الطوابق تحوي فنادق راقية ومجمعات تجارية كبرى .
وقرأت علي إحدى اللوحات المثبتة في العمود الذي علقت عليه ساعة كبيرة مقابل باب المسجد النبوي المسمي باب الملك فهد أن التوسعة الأخيرة اكتملت سنة 1999 في عهد الملك الراحل فهد بن عبد العزيز .
ولأنني جئت إلي الديار المقدسة ،هذه المرة ، في إطار مهمة شخصية وليس في نطاق مهمة صحفية فإن هذه المعلومات التي أوردها هنا اعتمدت فيها علي مجرد ملاحظاتي  ومشاهداتي الشخصية وليس علي وثائق أو تصريحات رسمية..
من الأمور الجديدة الملفتة للإنتباه،هذه اللوحات الالكترونية المتحركة المنتشرة في محيط الحرمين الشريفين والتي تحوي أحاديث شريفة وأحكام فقهية وتعليمات وملاحظات منها مثلا:"إن الملائكة لتتأذي مما يتأذى منه  بنو ءادم ".. ومنها : " التدخين يقتل سنويا اربعة ملايين نسمة فلا تكن احدهم "  ومنها : "التدخين ممنوع في باحات المسجد"... وغير ذلك ..
أما المسجد الحرام بمكة المكرمة فقد شهد ـ هو الآخر ـ توسعا كبيرا مقارنة مع ما كان عليه حاله سنة 1977،ويبدو أن هناك توسعة قيد الإنجاز حاليا ،لأنني شاهدت منارات جديدة يجري تشييدها وأعمال بناء تدل عليها الرافعات المنتشرة في الجهة الشمالية للحرم، وأبعدت الشوارع لتتضاعف ساحة الحرم ،وانتشرت دورات المياه التي يتم النزول إليها،وعلاوة على اللوحات الالكترونية التي ذكرنا أنها في الحرمين يختص المسجد الحرام -حسب ما رأيت- بخرائط الكترونية تدلك إلى حيث تريد انطلاقا من مكانك الذي توجد فيه.
وفي داخل المسجد الحرام لاحظت أن ماء زمزم الذي كنت تنزل إليه بعد ركعتي الطواف خلف مقام إبراهيم لم يعد موجودا أو لم أعثر عليه، وربما يكونون قد أزاحوه لتوسعة مكان الطواف، ووفروا بدله مياه زمزم في كل مكان من المسجد وفي خارجه في حنفيات..
وتلاحظ في المسجد كذلك طوابق وأماكن للطواف في هذه الطوابق كذلك .. كما أن المسعى بين الصفا والمروة قد تمت توسعته ، وهي توسعة كبيرة إلا أنها مثيرة للجدل  فقهيا ، خاصة بالنسبة لفقهاء المالكية.
ولعل اكبر معلم شاهدته على مشارف المسجد الحرام هو تلك الأبراج السبعة التي كتب عليها (وقف الملك عبد العزيز) وهي أبراج توجد فوقها ساعة عملاقة  يشاهدها كل سكان مكة المكرمة ، وتقع هذه الأبراج مقابل باب المسجد الحرام المسمي (باب الملك عبد العزيز) وتمتد الصفوف من المسجد إلي داخلها ، وهي من أروع طراز معماري –بارك الله- ، وتحوي فنادق راقية : خمسة نجوم ومتاجر ومعارض ومستشفيات.. ويتكون كل واحد من هذه الأبراج من عشرات الطوابق علوية  وسفلية .. وتصلها السيارات عبر الأنفاق و بها مصاعد كبيرة وسلالم متحركة ..
وازداد عدد الأنفاق في مكة خلال العقود الثلاثة الماضية ووسعت الطرق كثيرا.
 أما في منطقة المشاعر، فلعل ابرز ما شهدته هو هذا المعلم الحضاري الذي أقيم في منطقة الجمرات .. هذه المنشآت العظيمة الرحبة والواسعة والمكيفة التي جعلت من رمي الجمرات أمرا سهلا بعد ما عرف من كوارث بشرية في الماضي.. هذا المشروع الذي ا نجز في منطقة الجمرات مشروع عظيم يسهل أداء شعيرة كان الحجاج يتلقون في سبيل أدائها مصاعب وأخطار بسبب الزحمة الشديدة والتدافع ..
وفي مني ، كما في عرفة ومزدلفة ازدادت المنشآت الطرقية وانتشرت دورات المياه بشكل مكثف..

*خطط التنظيم هي سر النجاح
ومما لا مراء فيه انه لولا التنظيم المحكم الذي تقوم به السلطات السعودية لما آتت هذه المنشآت اكلها ، فالمباني والطرق لا تكفى وحدها بل لابد من خطط تنظيم مدروسة يسهر عليها رجال أكفاء يتوفرون على وسائل عمل كافية .
وقد لاحظت في المسجد النبوي كما في المسجد الحرام وجودا مكثفا لحرس المسجد بلباس عسكري يشرفون مباشرة على التنظيم داخل المسجد ويساعدهم خدام المسجد بلباس اخضر كتب عليه : "الرئاسة العامة للمسجد الحرام والمسجد النبوي"..
وهؤلاء الحرس يمنعون الازدحام ويتخذون لذلك عدة تدابير وفق خطط مرسومة سلفا على ما يبدو ،وفي المسجد النبوي لديهم حواجز متحركة يغلقون بها بين الاسطوانات إذا ازدحم المكان أو حان وقت تخصيص نصف الروضة للنساء مثلا وعدا هذه الحواجز فإنهم موجودون من باب السلام إلى باب البقيع لمنع أي ازدحام اوعرقلة للحركة في خط الزيارة وكذلك في الأبواب المؤدية للروضة الشريفة وعند أبواب المسجد.
ويوجد رجال آخرون من "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " يمنعون الزوار من التبرك بشباك القبر الشريف يأمرون الزوار بالتوجه بدعائهم إلى القبلة وليس إلى القبر الشريف ويقولون في معرض ذلك كلاما اقل ما يمكن أن يقال عنه انه مناف للأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
ولا اعتقد أنهم في ما يقولون يأمرون بمعروف أو ينهون عن منكر واقرب عندي القول بأنهم ينهون عن معروف، لأن إمامنا  مالك بن انس رضي الله عنه اعلم منهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بكل تأكيد وقد سأله الأمير العباسي ابوجعفر المنصور : يا أبا عبد الله أأستقبل القبلة وأدعو أم أستقبل رسول الله ؟ قال له الإمام مالك: ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك ءادم عليه السلام إلى الله تعالى يوم القيامة!! بل استقبله واستشفع به فيشفعه الله.. قال تعالى: "ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما"..
ويروى عن مالك بن أنس كذلك قوله لأبي جعفر المنصور في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أمير المؤمنين لا ترفع صوتك في هذا المسجد فإن الله تعالى أدب قوما فقال: "لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبيئ" الآية ومدح قوما فقال: "إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى " وذم قوما فقال: "إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون " الآية.. وان حرمته ميتا كحرمته حيا.
أما في المسجد الحرام فيوجد كذلك حرس الحرام بلباسهم العسكري ، ويبذلون هم الآخرون جهدا كبيرا في التنظيم ومنع الازدحام الشديد خاصة في أوقات الصلاة ، حيث يمنعون الدخول من الأبواب الرئيسة للمسجد عند ما يمتلئ، وكذلك يفعلون عند ما تمتلئ الباحة المحيطة بالكعبة المشرفة ..
ومهمة رجال "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" في المسجد الحرام هي-حسب ما شاهدت- منع المصلين من الصلاة في الممرات وضمان انسيابية الحركة بين الصفوف ..
أما في منطقة الجمرات فهناك "قوات خاصة" لديها حواجز متحركة تغلقها وتفتحها حسب ما يتطلب الوضع، وهذه القوات جاهزة ومنتشرة وسريعة التحرك .. ومع أن هذه المنشاة الجديدة التي شيدت على الجمرات تساعد كثيرا في تسهيل الرمي إلا أن الخطط التنظيمية لهذه القوات الخاصة كانت ضرورية لتفادي المخاطر.. وضمان سلامة الحجاج   .
ولولا رجال المرور المنتشرين في كل مكان بسيارتهم ودراجاتهم و أبواقهم  واتصالاتهم فيما بينهم لما أمكن لثلاثة ملايين حاج أن يؤدوا  مناسكهم في الظرف الزمني المحدد لها ، ودونما حوادث خطيرة..
وبكلمة واحدة فإن السلطات السعودية تبذل قصارى جهدها خدمة لضيوف الرحمن وان تسمية العاهل السعودي بخادم الحرمين الشريفين تسمية لها دلالتها الصادقة..
وفي المقال القادم أتناول بإذن الله وضعية الحجاج الموريتانيين هذا العام مقارنة مع حالهم قبل ثلاثة عقود
محمد الحافظ بن محم
دجمبر2011

0 التعليقات:

إرسال تعليق