Ads 468x60px

أقسام المدونة

الأربعاء، 8 أغسطس 2012

الولاية وخلافة الله من خلال تفسير القرآن الكريم للشيخ إبراهيم انياس

أولياء الله هم حملة الأمانة، وخلفاء الله في أرضه، اصطفاهم من خلقه بعد الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم.. وهم العارفون بالله الذين جعلهم أركان دولته.. أمدّ بهم ونصر ورزق وأمطر.. دعاة إلى الله هداة مهديين.. صحبتهم سعادة وعداوتهم شقاء.. معيتهم رخاء وزيارتهم شفاء.. محبتهم من محبة الله وعلمهم من الله.. هم أهل الله الذين لا يريدون إلا وجه الله تبارك وتعالى.. لا يريدون دنيا ولا أخرى "ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه".. وهم الذين أمرنا بصحبتهم "واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه"..
لقد أردنا من خلال هذا البحث أن نجمع ما ذكره الشيخ إبراهيم نياس في تفسيره للقرآن الكريم عن الولاية وأولياء الله واعتمدنا في ذلك على كتاب "في رياض التفسير" لمولانا الشيخ إبراهيم نياس الذي جمعه وحققه الأستاذ الفاضل والمقدم البركة السيد / محمد بن الشيخ عبد الله في ستة مجلدات في يناير 2010م، وإذ نقوم بهذا العمل تقربا إلى الله وخدمة لأوليائه فإننا نأمل أن ينير الطريق لأبناء جيلنا - والشباب منهم خاصة - حتى يسلكوا منهج أولياء الله المؤدي إلى معرفة الله.


ففي ظل التطورات المذهلة التي يشهدها العالم فإن الإيمان "التقليدي" في خطر ولا بد من إيمان يقيني شهودي ولا سبيل إلى ذلك إلا بصحبة أولياء الله.

نتناول المحاور التالية:
1 – مفهوم الولاية وتعريف الأولياء
2 – الخلافة عن الله
3 – صحبة أولياء الله
4 – كرامات الأولياء

1-     مفهوم الولاية وتعريف الأولياء:
الولاية على قسمين: الولاية الصغرى وهي: كل من اتصف بصفة مدحتها الشريعة، والولاية الكبرى هي لمن عرف الله المعرفة العيانية ومفتاحها التقوى بامتثال الأمر واجتباب النهي وتفصيل ذلك:
 قال الله تعالى: "ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولاهم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم"- الآيات 62 و 63 و 64 من سورة يونس- .
في معرض تفسيره لهذه الآيات الكريمة قال الشيخ إبراهيم نياس (ص93 / ج3):
 الله تبارك وتعالى ليس له قرابة وليس له جنس وليس له وطن ولكن له أولياء، وأولياء الله تبارك وتعالى المتقون فقط، والتقوى امتثال الأمر واجتناب النهي -باختصار- في الظاهر والباطن؛ فعلى هذا أولياء الله على قسمين: أولياء الله بالولاية الصغرى وأولياء الله بالولاية الكبرى.
الولاية الصغرى: كل من تخلق بخلق مدحه القرآن الكريم كالصبر والزهد والصلاة والإنفاق.. كل خلق مدحه القرآن الكريم من تخلق به فهو ولي من أولياء الله تبارك وتعالى، هؤلاء أولياء الشريعة وتلك هي الولاية الصغرى.. أولياء الله هم المتقون وإليه يشير قول أبي حنيفة: إذا لم يكن العلماء أولياء الله فليس لله من ولي.
والولاية الكبرى من عرف الله تبارك وتعالى معرفة فوق الإيمان وفوق الإيقان بل معرفة المشاهدة والعيان، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
ومفتاح هذا كلا هو التقوى: التقوى مفتاح جميع المطالب للعبد، كما يملي علينا القرآن: فإن العبد إن كان طالب علم فالله يقول: "واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم" أو طالب ولاية "ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون"، أو طالب جنة "أعدت للمتقين" أو طالب النجاة من النار "ثم ننجي الذين اتقوا" بعد "وإن منكم إلا واردوها كان على ربك حتما مقضيا" سمع هذا يهودي وقال إن كان هذا حقا فنحن وأنتم المسلمون سواء كلنا في النار، قال له عالم: "ثم ننجي الذين اتقوا" نحن ينجينا التقوى وأنتم تبقون في النار، فعرف الفرق بينهما، النجاة من النار إنما تنال بالتقوى، أو كان العبد له أعداء يكيدونه "إن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا" أو طالب العقبى "والعاقبة للمتقين" أو كان العبد في شدائد يحب الفرج منها : " ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب"، أو أراد التيسير في أموره ـ كما اردنا جميعا ـ "ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا" ، أو أردا البشرى في الدنيا والآخرة " لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة"، أو أراد محبة الله " إن الله يحب المتقين" ، أو أراد الكرم " إن أكرمكم عند الله أتقاكم"، هذا مفتاح مطالبنا جميعا.
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : " إن لله عبادا ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء لمكانهم من الحق أو لقربهم من الحق، قال له أعرابي صفهم لنا يا رسول الله قال : ناس من أبناء الناس اجتمعوا في الله ليس لأرحام جمعتهم ، ولا لأموال يتقاسمونها، بل اجتمعوا في ذات الله ويتباذلون في الله، هم الذين لهم الأمن عندما يحزن الناس"..
 المتحابون في الله ينصب لهم منابر من نور ويظلون تحت ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله..وظل العرش يستظل تحته سبعة : الإمام العادل، والشاب الذي نشأ في عبادة الله، والمتحابان في الله، ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله ، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه بالدموع، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه..
أيسر هذه الخصال المحبة )المرء مع من أحب ( ، )أنت مع من أحببت ( ..أولياء الله ليسوا بقبيلة ولا جنس، وإنما كل من أحب الله وأطاعه يدخل في هذا..قال سلمان الفارسي يوما، وهو يمازح المصطفى صلى الله عليه وسلم، الحمد الذي ما جعل الأمر بيدك، لو كان الأمر بيدك لجعلته لأبي طالب وأبي لهب، ولكن لما كان الأمر بيد الله أنا من فارس وصهيب هذا من الروم وبلال من الحبشة شممنا هذا الطيب الفائح الذي هب منك، وزكم عنه أبناء عمك وأعمامك..الحمد لله هذا دليل على أن الأمر بيد الله.
*الولي الله والولي عبد الله*
. قال تعالى : "  وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد" ـ الاية 28 من سورة الشورى ـ
عرف الشيخ براهيم نياس في تفسيره لهذه الآية الكريمة ) ص269/ج5( الوليَ فقال :
الولي من أسمائه تبارك وتعالى والولي اسم فاعل أو اسم مفعول. الولي الذي هو الله يتولى أحوال عباده أو يتولاه العبد، ينصر العبدَ أو يطيعه العبدُ ، والولي العبد اسم فاعل بمعنى المواظب على عمل الخير أو اسم مفعول بمعنى من تولى الله جميع أموره، ويكفي أن أسماه باسمه .
الله حلى الولي ثلاثة أسماء من أسمائه تبارك وتعالى : المؤمن اسم من اسمائه والإيمان الحقيقي معرفة الله، والعالم من اسمائه والولي من اسمائه، كيف يشترك معه في الأسماء إلا بفنائه عن نفسه وبقائه هو وحده تبارك وتعالى؟؟ إن لم يقع هذا فلا يمكن أن يشترك مع الله في اسمه، فلهذا قالوا : دائرة الولاية أوسع من دائرة النبوة، فكل نبي ولي ولا عكس، فالولي يطلق على النبي، كل نبي فيه بحر نبوءة وبحر ولاية، ولما جاء آخر الأنبياء وختم النبوءة فتح الولاية الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق صلى الله عليه وسلم ، الولي اسم لله واسم لعبد الله.
وأضاف الشيخ ابراهيم نياس أن الولاية قسمان : صغرى وكبرى ، فالصغرى كل من اتصف بصفة من الصفة التي مدحتها الشريعة المحمدية، والولاية الكبرى هي للولي الذي معناه العارف بالله. والولي الكبير يزاحم الولي الصغير في أعماله، والولي الصغير لا نصيب له في ما عند الولي الكبير.
*صفات الصالحين *
قال الله تبارك وتعالى :" الذين يقولون ربنا إننا ءامنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار" الآيتان 16 و17 من سورة آل عمران ـ
ضمن تفسيره لهاتين الآيتين الكريمتين قال الشيخ ابراهيم نياس )ص285/ج1 ( : من اتصف بصفة واحدة من هذه الصفات فهو من الصالحين، لو قال الصابرين الصادقين القانتين المنفقين المستغفرين لاحتجنا إلى الجمع بين الصفات قبل أن نكون من الصالحين ولكن لما عطف بالواو اقتضى هذا أن كل صفة من هذه الصفات توجب أن يكون العبد من الصالحين .
أولياء الشريعة كل من اتصف بصفة من الصفات التي مدحها القرءان فهو من أولياء الله وهذه ي الولاية الصغرى. والكبرى العارفون، من عرف الله المعرفة العيانية.
* الولي يتلقى العلم من الله بلا واسطة*
قال تعالى " ويخلق ما لا تعلمون" جزء من الآية )8 ( من سورة النحل ـ
في تفسيره لهذا الجزء من الآية الكريمة )ص275/ج3 ( ذكر الشيخ ابراهيم نياس أن:
 من معاني " ويخلق ما لا تعلمون" ان الرسول صلى الله عليه وسلم لم يستخلف أحدا على أمته بعد وفاته لأنه علم أن في أمته من يأخذ من الله بلا واسطة ، فلهذا قال :"الله خليفتي على كل مسلم"؟ فالولي يتلقى العلم من الله تبارك وتعالى بلا واسطة كما تلقاه الملك الذي أنزل على الرسول وكما تلقاه الرسول ولكنه غير مستقل يكون تابعا فليس للولي أن يأتي بحكم جديد إنما يكون تابعا للنبي قبله ، ولكنه يأخذ من المعدن الذي أخذ منه النبي ومن المعدن الذي أخذ من الملك الذي نزل على النبي، ولولا أن الرسول صلى الله عليه وسلم علم أن منا من يأخذ من الله بلا واسطة لما قال " الله خليفتي على كل مسلم"
*عدد الأنبياء والأولياء لا يعرفه إلا الله *
قال الله تبارك وتعالى: {ورسل قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك } الآية "164" من سورة النساء
في معرض تفسيره لهذه الآية الكريمة قال الشيخ ابراهيم نياس  )ص93/ج2 ( :
والحق أن الله تبارك وتعالى تجلى بسائر أسمائه على الأنبياء كل اسم تجلى في نبي كما أن كل نبي تجلى في ولي، فعلى هذا عدد الأولياء وعدد الأنبياء لا يعرفهم إلا الله  لأنهم عدد الأسماء ، وكثرة الأسماء تعريفه  بأن كل ذرة في الوجود تجلى فيها اسم غير الذي تجلى في الأخرى ، كما أن حضرة الذات لا نهاية لها ولا يحيط بها أحد وحضرة الصفات كذلك فحضرة الأسماء كذلك ، وإذا تجلت الأسماء في الأنبياء أو تجلت حضرة النبوة في الأولياء بقي الأمر على ما هو عليه .


2    الخلافة عن الله :
بعد أن تابعنا كيف عرف لنا الشيخ ابراهيم نياس مفهوم الولاية من خلال القرآن الكريم، وبين لنا أن الولاية صغرى وكبرى لا تنال إلا بالتقوى، وأن الولي يتلقى العلم من الله بلا واسطة بدليل قوله صلى الله عليه وسلم " الله خليفتي على كل مسلم" ، وبين لنا كذلك أن دائرة الولاية أوسع من دائرة النبوة لأن كل نبي ولي لله وليس العكس .
 بعد ذلك يوضح لنا الشيخ ابراهيم نياس من خلال النصوص التالية مفهوم الخلافة عن الله وكيف أن كل إنسان خليفة عن الله في جزء من العالم قل أو كثر، وأن الروح في الجسم خليفة عن الله لأنه لا أين لها ولا كيف، ويبين لنا كذلك المفهوم الأخص للخلافة وهو الأمانة والقطبانية العظمى والنيابة والدولة الإلهية.
*الأمانة..القطبانية العظمى*
قال تعالى : " إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا" – الآية72 من سورة الأحزاب -
قال الشيخ ابراهيم نياس من ضمن تفسيره لهذه الآية الكريمة  )ص86/ج5( :
إن هذه هي الخلافة العظمى، والخلافة لا تكون إلا في بني آدم..لا يصلح للخلافة عن الله إلا البشر فيهم قوة روحانية وقوة جسمانية فبتجمع القوتين أطاق حمل الخلافة ، فقال إنه عرض الأمانة وهي القطبانية العظمى..الخلافة على الملإ الأعلى والأسفل.
"إنه كان ظلوما جهولا" فلولا ظلمه ما عصى، ولولا جهله ما نسى، "ظلوما" لخروجه عن طوق البشرية إلى الإتصاف بصفات الربوبية و" جهولا" عارفا بالله حتى جهل كل ما سواه وجَهلَ كنه الذات، الجهل بالله – كما قال الشيخ التجاني- جهلان : جهل عن مرتبة ألوهيته المستوجب لخلود صاحبه في النار، وجهل بكنه ذاته من حيث ما هي ، هي الموجب لخلود صاحبه في الجنة، فمن جهل مرتبة ألوهيته فهو كافر، ومن جهل كنه الذات بعد ما وصل إلى هناك  وجعل عجزه عن إدراكه هو إدراكُه وجهله بحقيقة كنه ذاته هو علمه فهذا هو الخليفة، ظلوم جهول اي خارج عن طوق البشرية متصف بصفات الربوبية، جاهل بكنه الذات لأنها لا نهاية لها، ولم يصل إليه إلا بعد أن فقد نفسه ، يا رب كيف الوصول إليك؟ ألق نفسك وتعال. القيت نفسك قبل أن تاتي كيف تعلمه؟ ما هنالك من يعلمه..هذا هو الجهل الذي هو غاية في الجهل، وهو مقام مدح في هذا الوجه، لولا ظلم الخليفة ما عصى آدمُ، ولولا جهله ما نسي آدمُ، ولكن لما كان ظلوما عصى آدم ونسي. كيف لا ينسى وهو عالم بالله؟ لا بد أن ينسى الشجرة وينسى النهي  وينسى الأمر وينسى كل ما هنالك .


* الإنسان خليفة عن الله *
قال الله تبارك وتعالى: " ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم" – الآية 115 من سورة البقرة-
من ضمن تفسيره لهذه الآية الكريمة قال الشيخ ابراهيم نياس )ص135/ج1( :
الإنسان خليفة الله تبارك وتعالى في أرضه، فذات الإنسان خليفة عن ذات الله تبارك وتعالى في أرضه ، فذات الإنسان خليفة عن ذات الله تبارك وتعالى ، وصفات الإنسان خليفة عن صفات الله تبارك وتعالى، القدرة والإرادة والعلم والحياة والسمع والبصر والكلام، كل إنسان نال قسطا من هذه الصفات وهي حقيقة لله وحده، وأفعال الإنسان خليفة عن أفعال الله تبارك وتعالى، فكل إنسان خليفة عن الله في جزء من العالم قل أو كثر، كلنا رب لشيئ إلا أن الرب لا يطلق على غير الله ، إلا إذا أضيف إلا شيئ، رب الدار، رب الثوب، رب الكتاب، الله هو الرب حقيقة..ولما لم يكن للروح مكان ولا جهة  أصبح خليفة عن الله تعالى ، فالله ليس له مكان ولا جهة  والروح في الإنسان  كذلك ليس له أين ولا كيف ، فلهذا لا يكون خليفة عن الله إلا الإنسان .
*استخلفهم تكريما وأظهر الختم والكتم*
قال الله تبارك وتعالى :" وعد الله الذين ءامنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض، كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا" - من الآية 55 من سورة النور-
 ورد في تفسير الشيخ ابراهيم نياس لهذا الجزء من الآية الكريمة )ص222/ج4( :
    أن الخلافة النيابة ..النيابة عن الشخص إن كان غائبا أو مات أو عجز يحتاج للخليفة أو استخلف تشريفا فقط وتكريما مع حضور المستخلف، وهذا ما لأولياء الله تبارك وتعالى، هم خلفاء الله، والله حاضر لا يغيب ولا يموت، استخلفهم تكريما لهم.
رجال الدين على أقسام :
1-    حملة القرءان وحفاظ أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم هم خزانة الدين منهم يقبسون وإليهم يرجعون في أصول العلم..
2-    رجال يعلمون أصول الدين ويردون على المبتدعين والفرق الضالة بالحجج الدامغة وهم بطارقة الإسلام أو حكام الإسلام.
3-    الفقهاء الذين يبينون للناس كيفية الأعمال والمعاملات وهم الوكلاء والمتصرفون
4-    أرباب المعارف والحقائق  يبينون طريق السير إلى الله تبارك وتعالى بترك كل ما سواه والإشتغال به دون غيره، هم خلفاء الله في الأرض..
ويضيف الشيخ ابراهيم نياس :
العارفون الكمل استخرجوا من هذه الآية وجود خاتم للأولياء حيث أن الأنبياء لهم خاتم هو محمد صلى الله عليه وسلم، وقد وعد الله هذه الأمة أن يستخلفهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم ، فهموا من هذا أن للأولياء خاتما،
وأول من ألف في ذلك الحكيم الترمذي ذكر أن للأولياء خاتما وذكر له علامات، وذكره كذلك ابن عربي الحاتمي حتى ذكروا اسم بلده ومكانه واسمه وقال ابن العربي : رأيته بفاس مبتلى بالإنكار فيما يتحققه من سره، لم يقل إلا الحق والناس يتكالبون على الإنكار على هذا الذي قال..وألف ابن العربي كتابا سماه : عنقاء مغرب في خاتم الأولياء وشمس المغرب، ذكر أن للأولياء خاتما ولوح إلى مقام الكتمية بذكر الشمس، لأن الشمس لا يتحقق فيها النظر حقيقة، وقال في كتابه: إنما جعله الله في المغرب لأن المغرب محل أسرار الله والكتم، أي أن الله بعث الأنبياء جميعا من أول الدهر إلى آخر الدهر ما وصل نبي إلى هذه الأرض، بل جعل هذه الأرض كأنها محل كتم ، إذا أراد أن يكتم شيئا أتى به إلى هذه الأرض.
*المشهورين في بركة المستورين*
قال الله تعالى :"بسم الله الرحمن الرحيم تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير" -الآية الأولى من سورة الملك-
قال الشيخ ابراهيم نياس ضمن تفسيره لهذه الآية )ص188/ج6( :
 أنزل الله تبارك وتعالى سورتين كلاهما فتحها بقوله "تبارك" ومعناه كثرت خيراته أو تعالى تنزه عن صفات المحدثين.. الله تبارك وتعالى متصف بجميع صفاته اللائقة به ومنزه عن جميع صفات المحدثين، أولا : "تبارك الذي نزل القرءان على عبده" وهذه " تبارك الذي بيده الملك"، فالعالم دائما تقوم فيه دولتان، دولة ظاهرة لأرباب الدول ودولة باطنة للمتمسكين بالقرءان لأن الله هو الملك الحق، وهو ظاهر وباطن، فظاهر مملكته للملوك وباطنها للعلماء ورثة الأنبياء خلفاء الله في الأرض، فكل دولة ظاهرة قائمة بقوة دولة باطنة، فأهل الدنيا مددهم وقوامهم يأتيهم من أهل الله، فالمشهورون في بركة المستورين.
•    قال الله تبارك وتعالى :" وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون" الآية181 من سورة الأعراف-
أورد الشيخ ابراهيم نياس في تفسيره لهذه الاية الكريمة )ص344/ج2( ما يلي :
أخبر تبارك وتعالى أن من أمة محمد صلى الله عليه وسلم أمة يهدون بالحق وبه يعدلون بشارة للنبي صلى الله عليه وسلم وللأمة المحمدية ، فسره الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله :" لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك" وقال : " والذي نفسي بيده ليدركن عيسى ابن مريم في أمتي خلفا من حوارييه". وهؤلاء لا يزالون أبدا لا تخلوا منهم بقعة ولا زمان حتى ينزل عيسى – الحمد لله-
" وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون" فيهم جماعة الأولياء، ولذا قال صلى الله عليه وسلم" لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله"..
وورد )إن لله ثلاثمائة رجل قلوبهم على قلب ءادم، ولله أربعون رجلا قلوبهم على قلب موسى، ولله سبعة قلوبهم على قلب ابراهيم الخليل، ولله خمسة قلوبهم على قلب جبريل، ولله ثلاثة قلوبهم على قلب ميكائيل، ولله واحد قلبه على قلب إسرافيل( والواحد في الحديث هو الذي يعبر عنه الصوفية بالقطب والغوث والخليفة، وبهؤلاء الجماعة ترزقون وتمطرون، ولا تزال الدنيا بخير ما دام هؤلاء موجودين، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ان عيسى سينزل على الأرض وأولئك موجودون. الحمد لله.
*الوزارة في الدين *
قال تعالى : " ولقد ءاتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا" - الآية 35 من سورة الفرقان -
جاء في تفسير الشيخ ابراهيم نياس لهذه الاية )ص250/ج4( :
أرسل الله موسى فطلب وزيرا من أهله فبعث الله هارون وزيرا له فلا يزال خلفاء الله يحتاجون إلى وزراء. النبي صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله أعطاني أربعة وزراء اثنين في السماء واثنين في الأرض: اثنين في الأرض ابوبكر وعمر واثنين في السماء جبريل وميكائيل.
وإذا أراد الله بخليفة خيرا قيض له وزيرا صالحا ، إن ذكر أعانه وإن نسي ذكره، وإن عمل خيرا ساعده عليه، وإن كان غير ذلك قيض الله له وزير سوء إذا نسي لم يذكره وإذا أراد خيرا لم يساعده عليه.
ولا تزال الوزارة في الدين حتى يأتي المهدي ووزراؤه.
 3- صحبة أولياء الله :
أولياء الله -كما سبق أن راينا- هم العارفون بالله، الذين يأخذون العلم من الله تبارك وتعالى بلا واسطة، وهو خلفاء الله في أرضه استخلفهم تكريما لهم، وهم أرباب المعارف الذين يبينون للناس طريق السير إلى الله تبارك وتعالى بترك كل ماسواه والإشتغال به دون غيره، وهم أصحاب الدولة الإلهية حيث أن "المشهورون في بركة المستورين" وهم الذين ما تزال الدنيا بخير ما داموا موجودين.
وأورد الشيخ ابراهيم نياس في تفسيره لقوله تعالى:"يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة" من الاية 35 من سورة المائدة )ص135/ج2(:
من الوسائل إلى الله تبارك وتعالى مصاحبة الصالحين قال تعالى: " واصبر نفسك مع الذين يدعون بهم بالغداة والعشي يريدون وجهه" ، ومنها مصاحبة أهل الذكر والعارفين بالله قال تعالى" واتبع سبيل من أناب إلي"..
* محبة أولياء الله *
وان محبة أولياء الله تعالى من محبة الله ، قال الشيخ ابراهيم نياس )ص292/ج1( ضمن تفسيره للآية الكريمة " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون" - الآية 92 من سورة آل عمران- قال :
   العبد لابد أن يتوجه إلى الله تبارك وتعالى بكليته فينال محبة الله وينال ولاية الله، لابد من محبة الله أولاً ولابد من محبة أولياء الله ، فمحبة أولياء الله ليست من الشرك كما يقول بعض أهل قلة الفهم، إنما هي من محبة الله.
أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن العبد يوقف بين يدي الله يوم القيامة فيقول له الرب تبارك وتعالى: ماذا عملت لي ؟ أما زهدك في الدنيا فاخترت الراحة لنفسك، أما طاعتك لي فاخترت العز لنفسك، هل واليت في وليا قط أو عاديت في عدواً؟ إن كان والى وليا لله أو عادى عدواً لله فذلك هو العمل الذي يحببه لله تبارك وتعالى ، ومن حاول الوصول إلى الله تبارك وتعالى وادعى المقامات بغير محبة أولياء الله فهو كاذب ولو أتى بعبادة الثقلين فإنما يضرب حديدا باردا. لا بد من موالاة أولياء الله ومعاداة أعداء الله فيسلك بذلك سبيل ابراهيم عليه السلام الذي أسلم أمواله للضيفان وولده للقربان ونفسه للنيران " وما كان من المشركين" ..
ويؤكد الشيخ ابراهيم نياس )ص133/ج2( ان محاربة الله هي محاربة أولياء الله ويقول ضمن تفسيره للآية الكريمة " إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض" - الآية 33 من سورة المائدة – :
محاربة الله لا تمكن إنما محاربة أوليائه، محاربة أوليائه هي محاربته تعالى )من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب( ، )من أهان لي وليا فقد بارزني(، إذن محاربة الله هي محاربة أوليائه ورسوله.
وقال الشيخ ابراهيم نياس في معرض تفسيره لقوله تعالى: )والذين يومنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك( من الآية "4" من سورة البقرة )ص55/ج1( :
الإيمان بما أنزل من قبل الرسول لا ينفع إلا إذا آمن بما أنزل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلهذا من آمن بجميع الأنبياء وكفر بنبي زمنه فهو كافر ، وكذلك الأولياء من آمن بجميع الأولياء وكفر بكامل عصره فهو مقطوع عن الله تبارك وتعالى.
* أسرار الصحبة وإذن المشايخ وشروطهم *
وهكذا فإن محبة أولياء الله من محبة الله واتباعهم وسيلة للخير كل الخير مثلها في ذلك الإلتزام بشروطهم وصحبتهم "الخير كله في الصحبة والشر كله في الصحبة" ..قال الشيخ ابراهيم نياس في تفسيره لقوله تعالى )قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا( الآية "70" من سورة الكهف )ص32/ج4( :
 شرط الخضر على موسى أن لا يسأله عن شيء، مجرد سؤال فقط ، وموسى لم يصبر فخالف الشرط، ففارقه الشيخ )هذا فراق بيني وبينك( واسماعيل أكمل منه موسى بأضعاف مضاعفة ولكنه صبر ببركة صحبة أهل الله.
اسماعيل قال: (ستجدني إن شاء الله من الصابرين( جعل نفسه من جملة الصابرين،  صحب أهل الله وببركة الصحبة صبر، وموسى تجرد وحده )ستجدني إن شاء الله صابراً( كابد الأمر وحده ولم يجد معينا فلم يصبر.
هذا من أسرار الصحبة، أسرار الصحبة ظهرت في قضية موسى مرتين، الأولى : )ستجدني إن شاء الله صابراً( ( ، ولم يصبر، والذي قال  )من الصابرين( صبر.
والثانية أن موسى وهارون بقيا في التيه أربعين سنة يتيهون في الأرض وموسى وهارون أصفياء الله بقيا في هذا العذاب لما كان في صحبتهما أعداء الله تبارك وتعالى ، ذاقا من العذاب على جلالة قدرهما، وأما أعداء الله فبصحبة موسى استسقوا فسقاهم الله، استطعموا فأطعمهم الله طعاما ينزل من السماء، طلبوا اللباس فحفظ الله لباسهم لا يتسخ ولا يُبلى أبداً، وطلبوا الضوء فضرب الله أعمدة من النور في تيههم، كل ما وجدوا من النعم فببركة صحبة موسى ، وكل ما ذاق موسى من العذاب فبشؤم صحبة هؤلاء الكفار، الخير كله في الصحبة والشر كله في الصحبة .
ويضاف إلى محبة أولياء الله تعالى وصحبتهم تلقي الإذن منهم والإلتزام بشروطهم ليحصل الإنتفاع ، قال الشيخ ابراهيم نياس في تفسيره لقوله تعالى: )فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم (الآية "37" من سورة البقرة -)ص88/ج1( :
آدم تلقى كلمات من الله تبارك وتعالى وتاب بها وقبل بها توبته، وابليس ركب كلمات من عند نفسه وتاب بها ولم يستجب له لأنه ليس عنده إذن، وهذا سر تلقي الإذن من المشايخ، آدم الذي تلقى من ربه كلمات تاب الله عليه، وإبليس الذي تاب بكلمات أخذها من عند نفسه لم تقبل توبته، فلهذا صار المشائخ يستعملون الإذن في كل شيء، والسر يسري مع الإذن، حتى الرسول صلى الله عليه وسلم تلقى القرءان من جبريل وهو أقرب على الله من جبريل ولكن أحب التلقي )وداعيا إلى الله بإذنه( ..
والحكمة في استعمال الإذن تسهيل الأمر، إن كل مأذون فيه يتيسر، وما دخل فيه الإنسان بغير إذن ربما يتعسر عليه حتى الرسول صلى الله عليه وسلم دعا إلى الله بإذن الله )ص70/ج5( .
*زيارة الأولياء *
إن زيارة أولياء الله هي كذلك من وسائل الإنتفاع وأورد الشيخ ابراهيم نياس في تفسيره للآية الكريمة )إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون( الآية "128" من سورة النحل )ص310/ج3( :
الله تبارك وتعالى معيته خاصة بأهل التقوى وأهل الإحسان الأولياء، فلهذا رغبوا في زيارة الأولياء :
زيارة أرباب التقى مَرهَم يبري ... )شفاء(
وزيارة الأحياء منهم أفضل من زيارة الأموات، لأن الأموات عزلوا عن خدمة مولاهم تبارك وتعالى فهم أولياء لله ولكن ليسوا في خدمته، والأحياء أولياء الله وفي خدمته، فزيارة ولي حي أفضل من زيارة قبر ولي.
5-    كرامات الأولياء :
فكما أن للأنبياء معجزات فكذلك للأولياء كرامات، وقد يجد أعداء الله خوارق هي بمثابة استدراج لهم.. وذكر الشيخ ابراهيم نياس أن من أنكر كرامات الأولياء فقد كذب بـ "200" آية وما يزيد على "500" حديث، جاء ذلك ضمن تفسيره لقوله تعالى : {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ} – الآية"37" من سورة آل عمران - )ص277/ج1(:
هذه كرامات الأولياء فمريم ليست من الأنبياء، ومن أنكر كرامات الأولياء فقد كذب بمائتي آية وما يزيد على خمسمائة حديث، فإن مريم هذه كانت توجد عندها فاكهة الشتاء في الصيف وفاكهة الصيف في الشتاء، فتربت في محراب المسجد ما رآها رجل قط إلا زكرياء محرمها الذي يدخل عليها بطَهورها وشربها وأكلها..وكرامات الأولياء ثبتت بالكتاب والسنة وشوهدت، لذلك لا يمكن أن ينفيها إلا جاحد.
وقع مثل هذه الكرامة لفاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم كان عندها قطعة لحم صغيرة وقطعة من الخبز فرأت ما بالنبي صلى الله عليه وسلم من الجوع فآثرت النبي صلى الله عليه وسلم على نفسها فأتت ووضعته بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فلما رفع النبي الغطاء امتلأت القصعة من اللحم الطيب والخبز والدهن فدعاها الرسول صلى الله عليه وسلم فنظرت قال : أنى لك هذا؟ قالت هو من عند الله. قال الحمد الذي جعلك مثل مريم ابنة عمران سيدة نساء عالمها، فأكل أهل البيت كلا وبقي فأطعموا أهل الصفة وبقي، فقال يرسل إلى كل بيت في المدينة، فلم ينفد.
وأغرب منه يوم الأيام اشتاق الحسن إلى شيء من الطعام فباعوا قميص فاطمة بستة دراهم فصنعوا طعاما، فلما لم يبق إلا الأكل وقف مسكين فطلب منه الصدقة فدفعوه له، فخرج علي فلقي رجلا يبيع جملا فقال له بع لي الجمل ، فقال أبيعه لك بستة دراهم إلى أجل، فأخذ علي الجمل بستة دراهم إلى أجل، فلقي آخر فقال له بع لي الجمل، قال له كم تعطيني؟ قال له ستة وستين درهما ، فدفع له ستة وستين درهما ، فأخذ الستة دراهم يريد أن يقضي الدين الذي أخذ فطلب البائع الأول فلم يجده فأتى بستة وستين درهما فقال له الرسول : علمت البائع الأول؟ البائع الأول رضوان خازن الجنة هو الذي أسلفك الجمل والذي اشتراه منك بستة وستين درهما ذلك ميكائيل، والسائل الأول الذي اختبركم يأخذ طعامكم هو جبريل، وفي تفسيره لقوله تعالى : )عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا( الاية "26" من سورة الجن ، قال الشيخ ابراهيم )ص239/ج6(:
هذا لا ينافي أن الأنبياء أخبروا بالمغيبات ووقع الأمر كما أخبروا به، والأولياء كذلك، وأهل الإلهامات من كان منهم مستقيما على دينه، فإلهاماته كرامة، ومن كان غير مستقيم على دينه فاستدراج، إما سحرا وغير ذلك..ولكن لم يزل ولن يزال رجال أو آحاد يخبرون بالمغيبات فيقع الأمر كما اخبروا، فإذا نفينا هذا وقلنا أن مراد الله أن الغيب لا يعلمه أحد فهذا يشكك الناس في القرءان، الغيب الذي لا يعلمه إلا الله هو وقت وقوع الساعة وما سوى هذا من المغيبات رأينا عن تجربة من يخبرنا بالمغيبات ويأتي الأمر كما يخبر ، إما كرامة إذا كان من أهل الإستقامة أو استدراجا إذا كان ممن لا خير فيهم، ولكن الكشف الظلماني الذي يكشف عما يجري في هذا الكون يقع للسحرة وللنصارى والمجوس، والكشف النوراني لا  يقع إلا لأهل الله تبارك وتعالى.
 الخاتمة نسأل الله حسنها :
   بين لنا الشيخ ابراهيم نياس من خلال النصوص التي استعرضنا أن أولياء الله هم العارفون بالله الذين لا يريدون إلا وجهه، منهم من يتلقى العلم من الله بلا واسطة، لذلك استخلفهم في أرضه تكريما لهم، وحملهم أمانته وهي الخلافة على الملأ الأعلى والأسفل، وهم مع تفاوت مقاماتهم، جعل الله منهم خاتما كما للأنبياء خاتم، وجعل فيهم كتما في مغرب الشمس الذي هو محل أسرار الله، واقتضت حكمته جل وعلا أن يكون قوام أهل الدنيا ومددهم من أهل الله " فالمشهورون في بركة المستورين"، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول " والذي  نفسي بيده ليدركن عيسى ابن مريم في أمتي خلفا من حوارييه" ، وهؤلاء الأولياء هم أرباب الدولة الإلهية الذين بهم تمطرون وترزقون كما في الحديث الشريف.
ومن وسائل التقرب إلى الله والوصول إليه صحبة أولياء الله ومحبتهم ومن ادعى المقامات بغير محبة أولياء الله فهو كاذب ولو أتى بعبادة الثقلين ، ومن آمن بجميع الأولياء وكفر بكامل عصره فهو مقطوع عن الله تبارك وتعالى ، والموفق من صحب أولياء الله وأحبهم لأن الخير كله في الصحبة والشر كله في الصحبة كما تدل على ذلك قصة موسى والخضر وبقاء موسى وهارون أربعين سنة في التيه مع بني إسرائيل.. ومن وسائل الإنتفاع بصحبة أولياء الله تلقي الإذن منهم والإلتزام بشروطهم وزيارتهم )وزيارة الأحياء منهم أفضل من زيارة الأموات( وللأولياء كرامات من أنكرها فقد كذب بـ"200" آية وما يزيد على "500" حديث .
والله أسأل أن يوفقنا لصحبة أولياء الله ومحبتهم والإنتفاع بما لديهم من أسرار وعلوم ومعارف.
إنه ولي ذلك والقادر عليه.
محمد الحافظ بن محم

hafedhmaham@yahoo.fr

0 التعليقات:

إرسال تعليق