Ads 468x60px

أقسام المدونة

الأربعاء، 20 فبراير 2013

1980: استقرار نسبي للأوضاع السياسية وتطبيق للشريعة الإسلامية

(الحلقة الثالثة عشر)
كانت الحياة السياسية في موريتانيا خلال سنة 1980  اقل اضطرابا من السنة التي سبقتها (1979) بل وكذلك من السنة التي تلتها (1981) ؛ فقد تشكلت حكومة في الشهر الأول من سنة 1980 استمرت في العمل مع ترقيعات طفيفة إلي أن تشكلت الحكومة المدنية في الشهر الأخير من نفس السنة، ولعل الحدث الأبرز خلال هذه السنة هو تنفيذ  أحكام الحدود بالقتل قصاصا وقطع يد السارق وفق  الشريعة الإسلامية السمحة..
 *تعديل في اللجنة العسكرية وتشكيل حكومة مدنية *
في ال4 من يناير 1980 أجرت اللجنة العسكرية للخلاص الوطني تعديلا جديدا أصبح بموجبه المقدم محمد خونا ولد هيداله رئيسا للدولة ، وتخلصت هذه اللجنة من بعض أعضائها  الذين وصفهم الناطق الرسمي باسمها حينها بأنهم "كتل جامدة  تشكل حجر عثرة في طريق العمل" ، وذلك على غرار ما تم في ال6 ابريل 1979 حينما أعلنت هذه اللجنة في بيانها الأول أن القوات المسلحة قد ارتكبت خطأ مقاسمة السلطة مع "سياسيين قدماء وشبان خيالين (...) وما لبثت عيوب هؤلاء وعدم تجربة أولئك أن انحرفت بالسلطة".
التعديل الذي جري مع مستهل عام 1980 جاء بلجنة عسكرية غالبية أعضائها من الشباب ؛ فالفاعلون فيها: المقدم محمد خونا ولد هيداله ’ المقدم معاوية ولد سيد احمد  الطايع ’ المقدم احمد بن عبد الله ،الرائد مولاي ولد بوخريص ، الرائد يال عبد الله هؤلاء في سن الأربعين في ذلك الوقت ’ أما أكبر أعضائها سنا فهو المقدم ديا آمادو  وله من العمر يومئذ(52) سنة واصغر أعضائها سنا هو النقيب البحري دحان ولد احمد محمود وعمره في ذلك الوقت ( 28 )  سنة.
واستقرت الأحوال السياسية خلال هذا العام لولا  تداعيات اتفاقية السلام مع البوليزاريو التي سببت توترا مع الجارة المغرب الشقيقة واكبه تقارب مع الجارة الجزائر الشقيقة..وكأن قدرنا أننا كلما تقاربنا مع المغرب تباعدنا مع الجزائر وكلما ابتعدنا من الجزائر نقترب من المغرب .. حدث ذلك في عهد الرئيس الأسبق المختار ولد داداه وكذلك في عهد الحكم العسكري .ولا انسي التعليق المعبر الذي نشره المرحوم  همام فال في كتابه الصادر سنة 1979: فقد كتب تحت صورة للرئيسين المختار ولد داداه  و هواري بومدين وهما يتعانقان . .كتب :
(احبب حبييك هونا  ما  * * عسي أن يكون بغيضك يوما ما )

ومع نهاية سنة 1980 قررت اللجنة العسكرية ، خلال اجتماع عقدته في الفترة مابين 10و20 دجمبر ، تشكيل حكومة مدنية برئاسة السيد سيدي احمد ولد ابنيجاره .. كما قررت إعداد مشروع لدستور جديد، وذلك "تهيئة لإقامة مؤسسات ديمقراطية".. ضمت هذه الحكومة (16) شخصية مدنية.

 *يوم مشهود في نواكشوط*

ولكن الحدث الأبرز خلال 1980، والفريد من نوعه في تاريخ الدولة الموريتانية الحديثة، هو تنفيذ أحكام الشريعة الإسلامية بإقامة الحدود من قصاص وقطع يد وجلد.
بدأ ذلك حينما صادق مجلس الوزراء يوم ال8 مارس على قرار "بإخضاع الجنايات للحكم الإسلامي" .. واستصدرت النصوص القانونية وتشكلت المحكمة الجنائية الخاصة و أصدرت  ا حكا مها الأولي التي نفذت  يوم الجمعة 10ذي القعدة 1400ه الموافق 19سبتمبر 1980 وذلك  بقتل شخص  واحد قصاصا  (قتل زميلا له في المقبرة وواراه هناك حيث كانا يعملان في حفر القبور) .. وتم قطع ا يدي ثلاثة أشخاص كحد للسرقة.
 كان ذلك اليوم يوما مشهود ا حيث خرج سكان نواكشوط عن بكرة أبيهم لمشاهدة الحدث ’ فقد أقيمت منصة في العراء قرب شاطئ المحيط الأطلسي، وضربت خيمة إزاء المنصة، واعدت خشبة لتنفيذ القتل.
حضر الحدث عدد من أعضاء اللجنة العسكرية الحاكمة وافتتحه الإمام بداه ولد البوصيري  بآيات من الذكر الحكيم تنص على عقوبة جريمتي القتل عمدا والسرقة .
ومثل الشخص المحكوم عليه بالقتل أمام الجمهور فيما قرأ القاضي المصطفي بن ببانا  (عضو المحكمة الجنائية الخاصة) إذن تنفيذ أحكام المحكمة الموقع من طرف رئيس الدولة المقدم محمد خونا ولد هيداله .
وفوق مرتفع من الأرض تم قتل المحكوم عليه رميا بالرصاص ، فيما باشر الأطباء داخل الخيمة المنصوبة قطع  أيدي ثلاثة أشخاص ، وكلما قطعت يد احدهم ترفع اليد أمام الجمهور ويتقدم المعني كذلك بعدها رافعا ذراعه اليمني بعد ما نفذ فيه حد السرقة.
وشهدت نواكشوط عدة مسيرات شعبية تأييدا للجنة العسكرية على تنفيذ حدود الله في هذا البلد المسلم، واعتبرت جريدة (الشعب) في افتتاحيتها نفس اليوم أن تنفيذ حدود الله هو( إحقاق للحق بتحكيم شريعة الله في عباد الله ، وأنه كذلك  ضمانة مؤكدة لاستئصال الجريمة من جذورها بعون الله ومشيئته ..)

*عدد خاص بمناسبة بداية القرن الهجري
وقد أصدرت (الشعب) في فاتح محرم 1401ه (9نوفمبر1980) عددا خاصـا بمناسبة بداية القرن الهجري الجديد.. جاء هذا العدد في (16) صفحة واستخدمت فيه الألوان كما خطت عناوينه بخط موريتاني أصيل لم يسبق (للشعب) أن استخدمته.
ومن ابرز مواد هذا العدد مقال تحت عنوان "الحدود الإسلامية وأثارها على سلامة المجتمعات" ،  وقصيدة بالمناسبة للمؤرخ المختار بن حامدون ،وبحث تحت عنوان "مدننا التاريخية تحكي قصة الحضارة والأصالة" ، وكتب الأستاذ احمد و ولد ا حميد  في هذا العدد بحثا عن المحظرة الموريتانية ’ كما نشرت فيه قصيدة للأستاذ كراي بن احمد يوره .
                                                                               
 *تعديلات في الإعلام
وخلال سنة 1980 تعاقب على قطاع الإعلام السيدان :احمد ولد سيدي ولد حنن والنقيب البحري دحان ولد احمد محمود.
وفي ال21 يوليو 1980 عين السيد /الخليل النحوي مديرا عاما للشركة الموريتانية للصحافة والطباعة التي تصدر عنها جريدة (الشعب) .
وكان السيد /محمد الأمين بن يحي مدير تحرير الجريدة قد تمت ترقيته في فبراير 1980 إلي منصب الأمين العام للوزارة المكلفة بالأمانة الدائمة للجنة العسكرية والإعلام وخلفه في هذا المنصب بالجريدة السيد/ العالم بن احمد خليفة مع الاحتفاظ برئاسة تحرير الشعب الفرنسية .
ويمكن القول أن الأوضاع السياسية كانت مستقرة نسبيا خلال سنة 1980 مقارنة مع السنة السابقة والسنة اللاحقة.


ملحق:
*العقوبات في الشريعة الإسلامية جوابر وزواجر
نشرت (الشعب) في عددها الصادر يوم الجمعة 19 سبتمبر 1980 وقائع ندوة أجرتها الصحافة الوطنية مع  السيدين :المصطفي بن ببانا عضو المحكمة الجنائية الخاصة قاضي المقاطعة الخامسة وحمود ولد ابوه الوالي المساعد لمنطقة نواكشوط الذي تحدث عن الإجراءات المتخذة لضمان حضور  اكبر عدد من سكان نواكشوط لتنفيذ الحدود الشرعية لأول مرة في تاريخ الدولة الموريتانية الحديثة وهو  الحدث المقام على بعد كلمترين  إلي الشمال من فندق صباح .
أما السيد/المصطفي بن ببانا عضو المحكمة الجنائية الخاصة فقد تحدث عن الغايات التي تهدف إليها الشريعة الإسلامية من وراء القتل قصاصا وقطع يد السارق . وقال : إن الله تبارك وتعالى الذي خلق المجتمعات أدرى بمصالحها .. ونحن كمسلمين علينا أن نحكم بعدالة أحكام الله ونعتقد أنه في كل عقوبة حكمة .. ومن أهم الحكم منها (الزجر) إذ يقول الله تبارك وتعالي :(ولكم في القصاص حياة) .. والي جانب (الزجر) هناك (التطهير) فأكثر العلماء يري أن العقوبات مكفرة للجريمة التي تم ارتكابها .. فهذه العقوبات (جوابر)..
وقال القاضي المصطفي ولد ببانا أن المذهب المالكي نص على أن القاتل عمدا يقتل بما قتل هو به ’ إلا أنه يجوز قتله بالسيف .. وبناء على ذلك شكلت وزارة العدل والشؤون الإسلامية لجنة لاقتراح قانون تنفيذ الأحكام ورأت هذه الجنة أن الفقهاء عللوا جواز قتل القاتل بالسيف بأنه أسرع وأسهل إجهازا للمقتول ، لذلك فإن البندقية إما أن تكون مساوية للسيف في السهولة وإما أن تكون أسهل وأسرع من السيف .. فرأت أنه لا مانع من القتل بالبندقية ".

محمد الحافظ ولد محم

0 التعليقات:

إرسال تعليق