Ads 468x60px

أقسام المدونة

الاثنين، 18 مارس 2013

زياراتى للعراق وحوار بين العلماء


شاهد من الشعب
(الحلقة الرابعة عشر)
كما ذكرنا في الحلقة الماضية من (ذاكرة الشعب)، شهدت بلادنا سنة 1980 استقرارا نسبيا في الأوضاع السياسية مكن من اتخاذ قرارات مهمة مثل: إقامة الحدود الشرعية وإلغاء الرق’ في حين تم تدشين المعهد العالي للدراسات  والبحوث الإسلامية، وتخرجت أول دفعة من معهد تحفيظ القرءان الكريم’ وقررت اللجنة العسكرية التدخل في أمور رؤية الأهلة لوضع حد للاختلاف في رؤية هلالي رمضان وشوال، كما وضع الحجر الأساس لسد فم لكليته وللملعب الأولمبي ولوحدة تخزين الأسمنت... وانتهت سنة 1980 بانطلاقة عمل أول حكومة مدنية تتشكل منذ الإطاحة بحكومة الأستاذ المختار ولد داداه في  يوليو 1978..

* لقاء مع صدام حسين *
في الشهر الأول من سنة 1980 سافرت إلى العراق  مع الزميل مولاي الزين ولد احمدو (في الإذاعة الوطنية في ذلك الوقت) من أجل حضور ندوة الحوار العربي–الأوربي للصحفيين التي انعقدت ببغداد في الفترة مابين 26 و28 يناير1980.
وهذه المرة هي الوحيدة في حياتي، رغم زياراتي العديدة لبغداد، التي صافحت فيها الرئيس العراقي صدام حسين؛ فقد استقبل الوفود المشاركة في حفل عشاء، وتحدث أمامنا حديثا عميقا عن رؤيته لمستقبل  العلاقة بين العرب والأوربيين ولم أعد أتذكر هل جرى هذا الحديث خلال حفل العشاء  المذكور أم أنه زارنا خلال إحدى جلسات المؤتمرات وتحدث أمامنا ؟
لقد نقلونا في تلك الليلة في عدة باصات وأدخلونا إلى مقر إقامة صدام حسين وأعتقد أنه في حي المنصور، وقبل أن ندخل البهو المخصص للاستقبال خضعنا لتفتيش الأمن حيث مررنا بجهاز للكشف مماثل للأجهزة الموجودة بالمطارات وطلبوا منا عدم اصطحاب الكاميرات وأجهزة التصوير، إلا  أنهم تعهدوا  بتوفير الأفلام والصور المطلوبة، وقد حدثت مشكلة مع مصور كاميرا فرنسي رفض تسليم جهازه، وقالوا له أنهم سيعطونه كاميرا بنفس المواصفات للقيام بالعمل ولم يستجب’ مما تطلب تدخل رئيس لجنة الصداقة العربية-الأوربية وهو فرنسي يسمي (بيتر لاند) –على ما أتذكر-.
وجدنا أمامنا الرئيس صدام حسين واقفا في الوسط ويمر عليه المدعوون ويصافحهم مع تقديم أنفسهم.. وعلى المائدة لاحظت أنها خالية من الكحول وهو أمر غريب في ذلك الوقت ببغداد.
وكنت معجبا، مع الكثيرين غيري، بهذا الزعيم العربي الذي ينهض ببلاده وبأمته نحو مزيد من الرقي والتطور، مع الحفاظ على القيم والعزة والكرامة.. وكنا نقارنه بالزعيم الراحل جمال عبد الناصر.
هذا الحوار بين الصحفيين طرح فيه العرب انحياز الإعلام الأوربي لإسرائيل’ بينما اعتبر الأوربيون أن انعدام الحريات ومضايقة الصحفيين في العالم العربي من شأنه أن يعرقل مسار التفاهم بين الطرفين.
لم تكن هذه زيارتي الأولى لبغداد فقد زرتها قبل ذلك (في يونيو 1978) برفقة الأديب الكبير الأستاذ  أحمدو  ولد عبد القادر.. وكنا أول بعثة ضمن سلسلة من البعثات تواصل إرسالها إلى العراق فيما بعد (كل بعثة تضم صحفيا وأديبا).
وفي النصف الثاني من سنة 1980 قمت بزيارة للعراق وحدي، حضرت على أساس أني سأغطي مؤتمرا من مؤتمرات عدم الانحياز –على ما أعتقد- إلا أن المؤتمر تأجل، فأعد لي الأخوة في العراق الشقيق برنامجا سياحيا مكنني لأول مرة من زيارة مرقد سيدنا على ابن أبى طالب كرم الله وجهه في النجف، كما زرت ضريح سيدنا الحسين بن علي في كربلاء.. والتقيت هناك ببعض الشيوخ الذين حثهم مرافقي على أن يعطوني كل المعلومات عن مدينة كربلاء وعن العتبات المقدسة.
وكانت زيارتي الرابعة والأخيرة للعراق في سنة 1987، ضمن وفد من وزارة الثقافة والإعلام لحضور مؤتمر بابل الدولي الأول.. وترأس هذا الوفد الزميل محجوب ولد بيه مدير الثقافة في ذلك الوقت’ وضم إلى جانبه ممن أتذكر: الأستاذ اسلم ولد سيدي المصطف مدير المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية حينها والزميل محمد عبد الله ولد اتلاميد مدير جريدة شنقيط والمرحوم سيمالي ولد همد فال.
حفل انطلاقة هذا المؤتمر جرى في الهواء الطلق بمدينة بابل الأثرية، وذلك باستعراض التحديات التي عرفها العراق عبر تاريخه وتم الاستعراض بأشعة الليزر تواكبها أوتار موسيقار عالمي فرنسي.
و لا أنسى أنني كنت خلال الحفل أفكر بأنني أخشي على نهضة العراق من هذا الاعتزاز الشديد بها الذي يشبه الغرور و الله لا يقبل ذلك للمسلم.
*تطهير من الذنب
خلال سنة 1980 حضرت في الـ 5 دجمبر تنفيذ الحكم الثاني بالقصاص في شخص كان قد قتل أحد أقربائه.. وقد حاول الإداريون والقضاة حتى آخر لحظة إقناع صاحب الدم بالعفو..  ولما رفض ذلك بدأت إجراءات القتل وطلب المحكوم عليه السماح له بصلاة ركعتين، سلم بعدهما وثيقة حصلنا في ذلك الوقت على صورة منها ومما ورد فيها أنه يحمد الله على التطهير من هذا الذنب حينما ينفذ فيه الحكم.. ويتعرض فيها لأمور أخرى..
بعد ذلك تم تنفيذ القتل فيه رميا بالرصاص.
*جدل حول رؤية الأهلة
في هذه السنة كذلك برزت مشكلة حادة في رؤية هلال شهر شوال، حينما امتنع بعض الأئمة في انواكشوط من الاقتداء بالإمام بداه بن البصيري في إثباته لرؤية الهلال ولم يفطروا في ذلك اليوم، وكادت القضية أن تأخذ طابعا عنصريا وعقدت اللجنة الدائمة للجنة العسكرية اجتماعا أعربت فيه عن "استيائها من صوم بعض المواطنين يوم الفطر".
وحاولت "الشعب" أن تثير حوارا غير مباشر بين الطرفين وأجرت حديثا مع الإمام بداه بن البصيري وكذلك مع القاضي محمد بن يوسف عضو المحكمة الجنائية –الإسلامية – وغيرهما، إلا أن الطرف المحتج على الإمام بداه رفض الحديث لنا معللا ذلك بأنهم يريدون حوارا مباشرا ومقارعة الحجة بالحجة وليس حوارا عبر الصحافة كهذا الذي نحاول نحن.
هذه الحوارات قام بها المرحوم احمد السباعي في حين اشتركت معه في بعض مراحلها..
أدى هذا الحراك في النهاية إلى اتخاذ قرار بإنشاء لجنة وطنية للأهلة يرأسها قاضي وتضم مجموعة من الأئمة وموظفين من وزارة الشؤون الإسلامية.. وتعقد اجتماعاتها بمباني الدولة وتستخدم وسائل الاتصال التابعة للدولة وتضمن لها الدولة تغطية إعلامية واسعة لإشراك كل المعنيين من قضاة وأئمة وصائمين..
*اهتمام متميز باسنيم
شهدت كذلك سنة 1980 حضورا مكثفا للشركة الوطنية للصناعة والمناجم (اسنيم) على صفحات جريدة (الشعب) من خلال مقابلات مع مديرها العام (في ذلك الوقت السيد/ باب ولد سيدي عبد الله) وكذلك أجرت "الشعب" ندوات صحفية مع ابرز أطر هذه المؤسسة  ونشرت أنشطتها.. ويعود ذلك إلي سببين:
- الأول أن هذه السنة شهدت تجربة لم تعمر طويلا تمثلت في تحويل الإدارة العامة لاسنيم من نواذيبو إلى نواكشوط’ فقد شيدت اسنيم مقرا لها (المبني الذي كانت توجد به الوزارة الأولي) ونقلت بالفعل إدارتها إلى هذا المقر.. أي أنها اقتربت أكثر من الإعلام من خلال وجودها في نواكشوط’ فنواذيبو يومئذ ليست هي انواذيبو اليوم’ فقد كانت معزولة عن باقي الوطن ويقال أنها اقرب لأوربا من موريتانيا..
- السبب الثاني أن زميلنا الكوري ولد عبد المولي الذي بقيت وإياه عدة سنوات مسؤولين عن الأخبار الوطنية في جريدة (الشعب) قد عينته اسنيم مسؤولا عن الإعلام فيها’ وحرص على تسليط الأضواء على هذه الشركة الوطنية’ وساعده في ذلك كل الصحفيين لمكانته المتميزة بينهم’ ولإدراكهم لأهمية هذه الشركة على المستوى الوطني.. والزميل الكوري تولي فيما بعد وزارة الإعلام.
هذه المعلومات أردت تسجيلها قبل أن تضيع من الذاكرة. 
                                                               والله الموفق..
محمد الحافظ بن محم

0 التعليقات:

إرسال تعليق