Ads 468x60px

أقسام المدونة

الجمعة، 4 يناير 2013

إحياء لتراثنا المهدد بالضياع: إصدار كتاب "نزهة المعاني في علمي البيانوالمعاني" لابن رازكه

تمتلك موريتانيا ثروة مهمة من المخطوطات النادرة التي خلفها علماء شنقيط الأفذاذ الذين نشروا العلم والمعرفة حيثما حلوا وارتحلوا. وقد ضاع الكثير من هذه المخطوطات، وقيض الله بعض الخيرين في هذه البلاد لانتشال ما يمكن انتشاله من هذه الثروة النفيسة..
من هؤلاء الأستاذ محمد محفوظ ولد احمد الذي حقق ونشر حتى الآن عددا من مخطوطات وكتب تراثنا الوطني.
وقبل أسابيع صدر عن مؤسسته "تقنية المعلومات والنشر" كتاب جديد هو "نزهة المعاني في علمي البيان والمعاني" وهو نظم للعلامة سيدي عبد الله بن محم المعروف بابن رازكه، بتحقيق وتعليق الدكتور جمال ولد الحسن.
وسنحاول التعريف بهذا الكتاب ومؤلفه ومحققه وناشره.
أولا : التعريف بالكتاب:
يستمد هذا الكتاب أهميته – كما أشار إلي ذلك الناشر – من كونه يشكل إضافة نادرة ومهمة في مجال العلوم اللغوية والعقلية إلي المكتبة الموريتانية، وهو مجال ظل محصورا في النخبة عالية التعليم سواء في المناهج التدريسية المحظرية أو في مجال التأليف والنشر.
كما يبرز كذلك أن اللغة العربية وأدبها وفنونها قد انتشرت ونضجت في هذه البلاد في فترة ابن رازكه (القرن إل 11 وال12 الهجريين ) ؛ فموضوع الكتاب من العلوم العقلية والأدبية العربية الزائدة علي معرفة اللغة ونحوها وصرفها .. بل هو توسع معرفي وترف لغوي في هذا المجال.
هذا النظم أورده الأستاذ محمد سعيد بن دهاه في كتابه "ديوان سيدي عبد الله بن محم العلوي الشنقيطي (ابن رازكه)" الصادر سنة 1986، تحت اسم "نزهة المعاني في ظهور البيان والمعاني" وذكر أن الشريف حمي الله الغلاوي قد شرحه.
ويقع نظم العلامة ابن رازكه في (548) بيتا وهو نظم لكتاب "تلخيص المفتاح في المعاني والبيان لجلال الدين – محمد بن عبد الرحمن بن عمر – القزويني المتوفي سنة 739هـ.

يقول الناظم:
فهذه قطعة نظم كافيه بمعظم "التلخيص" جاءت وافيه
وربما أوجزت في التعبير ​او جئت بالمجاز للتحبير
سميتها بـ "نزهة المعاني ​في علمي البيان والمعاني"
ويتناول النظم مبحث علم المعاني وما يتضمنه من أحوال الإسناد ومتعلقات الفعل والقصر والإنشاء وأنواعه والوصل والفصل والإيجاز والإطناب، ثم مبحث في علم البيان، ومبحث في علم البديع وألقابه من محسنات لفظية ومحسنات معنوية، والقول في السرقات الشعرية وما يتصل بها، وآخر فصول النظم فصل في مواضع ينبغي للبليغ التأنق فيها.
ويقول الناظم في آخرها:
أتممتها سلكا بديعا جمعا ​من غرر البيان درا لمعا
ودع في شنجيط جمعه وتم ​وفيه للتاريخ سر ما اكتتم
وهكذا فقد أكمل ابن رازكه هذا النظم سنة 1086هـ وهو ابن 25 سنة.
هذا النظم البديع لابن رازكه هو في أصله نادر، رغم تداول ذكره - كما يقول الناشر محمد محفوظ – وقد عثر الباحث الدكتور جمال ولد الحسن علي هذه النسخة الفريدة التي حققها في مكتبات تنبكتو (ازواد – مالي).
ونظرا لتعذر نسخ أخري من هذه المخطوطة فقد قام المحقق الدكتور جمال رحمه الله بتوضيح النظم مقارنة بكتاب التلخيص للقزويني الذي هو أصلها.
كما قام بتحقيق وشرح جل هذه المنظومة.
وكتب في آخرها "تم بحمد الله هذا التوضيح زوال الاثنين 2 ذي القعدة 1420هـ 7 فبراير 2000م بتينبكت.. جمال بن محمد عبد الله".
وقد ورد في كلمة الناشر الأستاذ محمد محفوظ بن احمد أن الدكتور جمال طلب منه إعداد ونشر بعض البحوث والتحقيقات العلمية ومما سلمه كتاب "نزهة المعاني" لكن وفاة الدكتور جمال المفاجئة في حادث سير مفجع في الإمارات العربية المتحدة (17 مايو 2001م) أوقفت هذه المشاريع ولو إلي حين...
لكنه لم ينس رغبة المؤلف – رحمه الله – في نشر هذا الكتاب الذي هو "درة نادرة من نفائس التراث الموريتاني ذي الطابع العلمي العقلي".
ويبرز الناشر المجهود الذي بذله في تصحيح هذا الكتاب وإعداده للنشر، حيث انه اعدم طبعته الأولي وخسرها لما اكتشف فيها من أخطاء كثيرة في الطباعة والمضمون..
وقام بتصحيح النص اعتمادا علي الأصل المخطوط لدي المحقق، ثم بالاعتماد علي نص القزويني..
وبما أن المحقق ترك حوالي (260) بيتا من وسط المنظومة لم يشملها الشرح المفصل فقد قام الناشر بالبسط فيها انطلاقا من كتاب التلخيص..
وجاء هذا الكتاب بكلمة الناشر ومقدمة الطبعة والتعريف بالناظم والنص وقائمة المحتويات في (208) صفحة من الحجم المتوسط، وبغلاف ملون تزينت واجهته الأخيرة بنبذة عن حياة المحقق الدكتور جمال ولد الحسن مع صورته.
ثانيا :التعريف بالمؤلف الناظم:
هو سيد عبد الله بن محم بن القاضي المعروف "بابن رازكه" وجده عبد الله المعروف بالقاضي الذي هاجر من شنقيط إلي ارض الكبلة (الجنوب الموريتاني) وأسس محظرته الشهيرة هناك.
ولد ابن رازكه في مدينة شنقيط حوالي 1060 هـ علي الأرجح، وبها توفي ودفن سنة 1144هـ.
درس في مدينة شنقيط بمحظرة والده محم ،كما درس في محظرة العالم الطالب محمد بن بلعمش، و درس في محظرة ادوالحاج بمدينة وادان، وفي ارض الكبله" درس في محظرة جده عبد الله بن الطالب، وكذلك درس علي الفقيه مينحن بن مالك، كما اخذ عن بعض علماء ومشايخ المغرب الأقصى والسوس.
اشتهر ابن رازكه بالنبوغ والذكاء والفتوة وكانت له صلات ومناظرات علمية مع مشاهير زمانه من العلماء والأمراء في بلاد شنقيط والمغرب.
طغت الشهرة الأدبية علي آثار ابن رازكه نظرا لأنه كان من ابرز رواد الشعر العربي الفصيح في القطر الموريتاني..
وقد قام الأستاذ/ محمد سعيد بن دهاه بنشر ديوان ابن رازكه سنة 1986 مع شرح وتحقيق ودراسة وتقديم من الدكتور محمد المختار بن اباه.
ومن مؤلفاته، إضافة إلى كتاب "نزهة المعاني"، تأليف في المنطق، ونظم في التصوف، وأجوبة لرسالة الفقيه محمد بن علي الولاتى، ونوازل في الفقه.
ومن معاصريه الذين ارتبط بهم بصلاة علمية:
1 ) أخواه الفغ سيد احمد والفغ محمذن وكانت لهما اليد الطولى في الفقه والأصول.
2 ) محمد اليدالى وكانت بينه مع ابن رازكه مؤالفة خاصة .
3 ) عبد الكريم بن سيد الفال الذي مدحه بميميته المعروفة.
4 ) مسك بن بارك الله وكان رفيقه في طلب العلم.
5 ) بوفمين المجلسى وكانت بينهما حكايات علمية.
6 ) السلطان المغربي مولاي إسماعيل وابنه الأمير محمد العالم الذي يعتبر من رواد النهضة الأدبية.
7 ) أعمر اكجيل بن هد بن احمد بن دمان الذي رثاه ببائيته.
8 ) أخاه اعل شنظوره الذي توسط بينه وبين السلطان مولاي إسماعيل ليقدم له عونا عسكريا.
ثالثا: تقديم المحقق:
محقق الكتاب هو المرحوم احمد بن محمد عبد الله بن الحسن الذي اشتهر باسم "جمال" ولد في مطلع سنة 1959 بنواحي المذرذرة من أسرة كريمة ذات علم محظري أصيل وثقافة عصرية وتوفي في 17 / مايو / 2001 بالإمارات العربية المتحدة ودفن في قرية التاكلالت قرب المذرذرة.
نشأ تنشئة علمية بدأت بدراسة القرءان الكريم والعلوم العربية في محيطه، قبل أن يلتحق بالتعليم العصري، حيث حصل على الباكلوريا في سنة 1976 والتحق بالمدرسة العليا لتكوين الأساتذة بتونس التي تخرج منها متفوقا سنة 1980، والتحق بالجامعة التونسية التي حصل منها على شهادة الكفاءة بترتيب الأول.
ونال دكتوراه الدولة بمرتبة الشرف الأولى عن الجامعة التونسية عن أطروحته المتميزة المشهورة "الشعر الشنقيطي " في القرن 13 هـ وذلك سنة 1987 .
كان جمال ولد الحسن في مختلف مراحل تعليمه مثار الدهشة والإعجاب بتفوقه وعبقريته الفذة.
وبدأ عمله بالتدريس في المدرسة العليا للأساتذة ثم بجامعة نواكشوط.
التحق سنة 1990 بالمنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم (ايسسكو) وعمل بمكتبها بالرباط قبل أن تنتدبه في جزر القمر سنة 1997 ثم انتقل للتدريس بمعهد تدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها في مدينة تنبكتو عاصمة ازواد بجمهورية مالي، حيث اطلع على مخطوطاتها النادرة.
وهاجر سنة 2000 إلى الإمارات العربية المتحدة مدرسا في جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا بإمارة أبو ظبي.
له مؤلفات عديدة وتحقيقات علمية وكثير من البحوث والمحاضرات بالإضافة إلى إنتاج رفيع في الشعر الفصيح والشعبي.
رابعا: تقديم الناشر:
هو الأستاذ محمد محفوظ بن احمد ـ أطال الله حياته ـ نشأ في محيط محظري أصيل، والتحق فور تخرجه من المحظرة في أواخر سبعينات القرن الماضي بالصحافة حيث عمل كمراسل للوكالة الموريتانية للأنباء وأبدع في مقالاته التي كانت تنشرها جريدة "الشعب" وكذلك في بحوثه وتحقيقاته المنشورة بمجلة الشعاع الصادرة عن المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية .. حصل فى أواخر ثمانينيات القرن الماضي على شهادة هذا المعهد بمذكرة متميزة حول: "مكانة الأصول في الثقافة المحظرية".
هاجر إلى الإمارات العربية المتحدة، حيث قدم إسهامات جليلة في نشر التراث الوطني، ومازال يواصل هذا المجهود القيم، وآخر إصدار له هو هذا الكتاب النادر الذي نقدم عرضا عنه.
نشر الأستاذ محمد محفوظ وحقق حتى الآن:
1 ) كتابه: "مكانة الأصول في الثقافة المحظرية.
2 ) تحقيقه لكتاب "روض النهاه في شرح نظم الغزوات لأحمد البدوى
3 ) تحقيقه لشرح نظم ورقات امام الحرمين للعلامة محمد يحي الولاتي.
4 ) تحقيقه لألفية بن مالك مع احمرا ر ولد بونا مع أنظام الشواهد الموريتانية.

كما نشر:
1 ) شرح نظم انساب العرب (شرح عمود النسب لحماد بن المين المجلسي) تحقيق وتكملة العلامة اباه بن ابوه بن نعم (4 مجلدات).
2 ) منح العلى بشرح الأخضري لمحمد بن محمد سالم المجلسي (تحقيق العلامة اباه بن ابوه).
3 ) بغية الراغبين بشرح نصيحة حماد بن المين.
4 ) الجليس المؤنس في تاريخ وانساب المجلس للعلامة اباه بن ابوه (4 مجلدات)
5 ) أنظام تعليمية مختلفة.
إن هذا الكتاب هو بحق إضافة مهمة ونادرة للمكتبة الموريتانية، وقد تضافرت فيه جهود المؤلف والمحقق والناشر خدمة للعلم في بلاد شنقيط "بلاد المنارة والرباط"

محمد الحافظ بن محم

0 التعليقات:

إرسال تعليق